responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 212
فِيهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ [24] ، وَالْمَعِيَّةُ هُنَا مَجَازٌ فِي الْإِعَانَةِ بِالنَّصْرِ وَالْوِقَايَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: وَاتَّقُوا اللَّهَ فِي حُرُمَاتِهِ فِي غَيْرِ أَحْوَالِ الِاضْطِرَارِ: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ فَهُوَ يَجْعَلُهُمْ بِمحل عنايته.
[195]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 195]
وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)
هَذِهِ الْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ [الْبَقَرَة: 190] إِلَخْ فَإِنَّهُمْ لَمَّا أُمِرُوا بِقِتَالِ عَدُوِّهِمْ وَكَانَ الْعَدُوُّ أَوْفَرَ مِنْهُمْ عُدَّةَ حَرْبٍ أَيْقَظَهُمْ إِلَى الِاسْتِعْدَادِ بِإِنْفَاقِ الْأَمْوَالِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَالْمُخَاطَبُونَ بِالْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ لَا خُصُوصَ الْمُقَاتِلِينَ.
وَوَجْهُ الْحَاجَةِ إِلَى هَذَا الْأَمْرِ. مَعَ أَنَّ الِاسْتِعْدَادَ لِلْحَرْبِ مَرْكُوزٌ فِي الطِّبَاعِ- تَنْبِيهُ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُمْ قَدْ يُقَصِّرُونَ فِي الْإِتْيَانِ عَلَى مُنْتَهَى الِاسْتِعْدَادِ لِعَدُوٍّ قَوِيٍّ، لِأَنَّهُمْ قَدْ مُلِئَتْ قُلُوبُهُمْ إِيمَانًا بِاللَّهِ وَثِقَةً بِهِ، وَمُلِئَتْ أَسْمَاعُهُمْ بِوَعْدِ اللَّهِ إِيَّاهُمُ النَّصْرَ وَأَخِيرًا بِقَوْلِهِ:
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ نُبِّهُوا عَلَى أَنَّ تَعَهُّدَ اللَّهِ لَهُمْ بِالتَّأْيِيدِ وَالنَّصْرِ لَا يُسْقِطُ عَنْهُمْ أَخْذَ الْعُدَّةِ الْمَعْرُوفَةِ فَلَا يَحْسَبُوا أَنَّهُمْ غَيْرُ مَأْمُورِينَ بِبَذْلِ الْوُسْعِ لِوَسَائِلِ النَّصْرِ الَّتِي هِيَ أَسْبَابٌ نَاطَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا مُسَبَّبَاتِهَا عَلَى حَسَبِ الْحِكْمَةِ الَّتِي اقْتَضَاهَا النِّظَامُ الَّذِي سَنَّهُ اللَّهُ فِي الْأَسْبَابِ وَمُسَبَّبَاتِهَا، فَتَطَلُّبُ الْمُسَبَّبَاتِ دُونَ أَسْبَابِهَا غَلَطٌ وَسُوءُ أَدَبٍ مَعَ خَالِقِ الْأَسْبَابِ وَمُسَبَّبَاتِهَا كَيْ لَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا لِمُوسَى فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ [الْمَائِدَة: 24] فَالْمُسْلِمُونَ إِذَا بَذَلُوا وُسْعَهُمْ، وَلَمْ يُفَرِّطُوا فِي شَيْءٍ ثُمَّ ارْتَبَكُوا فِي أَمْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَاللَّهُ نَاصِرُهُمْ، وَمُؤَيِّدُهُمْ فِيمَا لَا قِبَلَ لَهُمْ بِتَحْصِيلِهِ وَلَقَدْ نَصَرَهُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ هم أَذِلَّةٌ، إِذْ هم يؤمئذ جُمْلَةُ الْمُسْلِمِينَ وَإِذْ لَمْ يُقَصِّرُوا فِي شَيْءٍ، فَأَمَّا أَقْوَامٌ يُتْلِفُونَ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي شَهَوَاتِهِمْ، وَيُفِيتُونَ الْفُرَصَ وَقْتَ الْأَمْنِ فَلَا يَسْتَعِدُّونَ لِشَيْءٍ ثُمَّ يَطْلُبُونَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ النَّصْرَ وَالظَّفَرَ فَأُولَئِكَ قَوْمٌ مَغْرُورُونَ، وَلِذَلِكَ يُسَلِّطُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَعْدَاءَهُمْ بِتَفْرِيطِهِمْ، وَلَعَلَّهُ يَتَدَارَكُهُمْ فِي خِلَالِ ذَلِكَ بِلُطْفِهِ فِيمَا يَرْجِعُ إِلَى اسْتِبْقَاءِ الدِّينِ.
وَالْإِنْفَاقُ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ [الْبَقَرَة: 3] .
و

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 212
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست